Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
المملكة المغربية الشريفة
13 juin 2006

المكونات الدينية للمجتمع المغربي

l1625549منذ انفصال المغرب عن الخلافة العباسية سياسيا سنة (172هـ/ ق 8م)، ظلت الوحدة السياسية السمة البارزة التي طبعت الجو السياسي العام بالمغرب. هذه الوحدة السياسية منحت المنطقة وحدة مذهبية وعقائدية وسلوكية.. وقد تجلت هذه الوحدة في تبني المغرب -على امتداد تاريخه الطويل ابتداء بأول دولة تأسست وهي الدولة الإدريسية- للعقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف الجنيدي.

وبفضل هذه الدعائم الثلاث تبلورت الشخصية المغربية ، وتبلورت هوية المغرب الحضارية والثقافية. وقد عبر ابن عاشر في منظومته المشهورة بالمرشد المعين عن هذا المعنى بقوله:
في عقد الأشعري وفقه مالك   ***   وفي طريقة الجنيد السالك

وكان منهج التكوين ونظام التعليم والتدريس يشتمل على هذه الدعائم الثلاث، إذ كان من ضمن المناهج الدراسية المادة العقدية والفقهية والسلوكية- التربوية جنبا إلى جنب في مختلف المستويات الدراسية.

كما أن مؤلفات المالكيين قد تأثرت إلى حد كبير بهذا الاتجاه، حيث نجد مؤلفاتهم تشتمل على هذه الدعائم والأسس أيضا؛ فتبتدئ بمقدمة في الاعتقاد ثم تلي ذلك أحكام العبادات والمعاملات.. ثم تختم بالآداب والأخلاق. ولعل رسالة ابن أبي زيد القيرواني تقوم دليلا على هذا المنحى..

1- العقيدة الأشعرية
ارتبطت العقيدة الأشعرية بتاريخ المغرب ارتباطا قويا وطويلا، امتد ما يقارب من عشرة قرون، لذلك فإن تتبعنا لمختلف الأطوار التاريخية التي مر بها هذا الفكر في هذه المنطقة بالذات يكشف لنا طبيعة العلاقة الجدلية القائمة بين هذا الفكر وخصوصية الواقع المغربي المميز، وملابساته التاريخية والاجتماعية والسياسية التي عرفها؛ سيما وأن الفكر الأشعري المغربي قد عرف قفزة نوعية، سواء من حيث تطوره التاريخي، أو من حيث مضامينه وثوابته، أو منهجيته.

وهناك جوانب تميز بها حضور علم الكلام الأشعري في الغرب الإسلامي، من ذلك أنه نظرا لارتباط المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي في بداياته الأولى بالمشروع الإصلاحي السياسي والديني، فقد وقعت في هذا المذهب انتقائية واضحة حكمت وجوده واستمراره في هذه البقعة من العالم الإسلامي.

أضف إلى ما سبق، أن الحضور الطويل للعقيدة الأشعرية في هذه المنطقة باعتبارها العقيدة الرسمية للدولة، جعل مضامينها تؤثر بكيفية أو بأخرى في مجموع مناحي الحياة الشفوية والسياسية؛ فقد تشربت هذه العقيدة وتمثلتها من خلال الأدعية، والحكم، والأمثال السائدة، فعكست جميعها فكرة القضاء والقدر، والقدرة المطلقة للذات الإلهية، وإمكانية رؤية الله، وأمور أخرى.

2- المذهب المالكي
اختار المغاربة منذ أربعة عشر قرنا المذهب المالكي مذهبا رسميا للدولة المغربية، فظل هذا المذهب إلى يومنا هذا شعارا من شعارات الدولة المغربية، يعبر عن الوحدة المذهبية الدينية والأصالة الحضارية، بل إن المذهب تحول مع مرور الزمن إلى مدرسة تربوية إصلاحية ساهمت في بناء الشخصية المغربية بكل مميزاتها وخصائصها.

وترد اعتبارات أدبية وظرفية وعقائدية وأخرى مصلحية جعلت المذهب يحظى بهذا القبول والتأييد.

وعموما فإن اعتناق المغاربة للمالكية يجد تفسيره في الرغبة في حماية المجتمع المغربي من الانقسامات العقائدية والمذهبية التي طالت المشرق العربي.

ومما يلفت نظر الباحث في مذاهب الفقه الإسلامي، عن طريق المقارنة، ما انفرد به المذهب المالكي من خصائص ومزايا منحت الفقه الإسلامي مرونة وحيوية وقدرة للتكيف مع الزمن، وتتمثل هذه القواعد المنهجية في اعتماد مبادئ السياسات الشرعية مثل المصالح المرسلة، وسد الذرائع، والعرف، ومراعاة الخلاف..إلخ.

إن مختلف هذه الاعتبارات التي أدت إلى إقرار المذهب المالكي والتمسك به يقوم دليلا واضحا على أن اختيار المغاربة للمذهب المالكي كان عبارة عن قرار تاريخي حاسم، اتخذه أجدادنا اقتناعا منهم بأنه أصلح المذاهب الفقهية لإقامة نظام قانوني وقضائي شامل، ملائم للعقلية المغربية الواقعية، والمزاج المغربي المتزن، فعملوا جميعا على نشره إلى يومنا هذا.

3- التصوف الجنيدي
وهو التصوف السني على مذهب السلف الصالح الذي سلكه الإمام القاسم الجنيد (تـ 297) الذي اشتمل على جملة من أخلاق الإسلام ومكارمه وفضائله وقيمه التي هي قوام التربية القلبية الإيمانية.

فهذه الحصيلة الثلاثية شرب من معانيها المغرب، وهي تعبر عن اختيارات الأمة التي تربت في هديها طيلة هذه القرون كلها وتناقلها جيل بعد جيل، وورثها الخلف عن السلف، حتى صارت جزءا لا يتجزأ من الهوية الحضارية والثقافية للمجتمع المغربي.

Publicité
Commentaires
المملكة المغربية الشريفة
Publicité
Newsletter
Derniers commentaires
Catégories
Publicité