وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
تتحمل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مسؤولية نبيلة تتمثل في النهوض بمهمة مرفق عمومي يتسم بخصوصية تدبير المجال الديني، وهو مجال يرتبط مباشرة بوظيفة جلالة الملك بوصفه أميرا للمؤمنين كما يقننها الدستور. وهذا ما يبرر أن تنظيم الوزارة المذكورة كانت دائما تقنن بظهير شريف وليس بموجب مجرد قرارتنظيمي (مرسوم) كما هو الشأن لسائر الوزارات الأخرى.
كانت الإدارة المكلفة بالأوقاف عبارة عن "بنيقة" (مكتب صغير) في دار المخزن (المكان الذي يضم مختلف الإدارات الحكومية). وفي عهد الحماية الفرنسية عهد بتدبير ممتلكات الأوقاف لإدارة عين مديرها بظهير. وفي عام 1955، سميت إدارة (الأحباس) لأول مرة في تاريخها بوزارة الأوقاف. وبعد ستة أعوام تغير اسم الوزارة وأصبح "وزارة الشؤون الإسلامية". ولم تتخذ الوزارة اسم "وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية" بصفة نهائية إلا سنة 1963.
ومنذ إنشاء هذه الوزارة، عين على رأسها سبعة وزراء، وهم على التوالي: المختار السوسي (1955-1956) و علال الفاسي (1961-1963) وأحمد بركاش (1963-1972) ود.أحمد رمزي (1972-1981) و الهاشمي الفلالي (1981-1985) ود.عبد الكبير العلوي المدغري (1985-2002).
وعين جلالة الملك محمد السادس نصره الله السيد أحمد التوفيق الوزير الحالي للأوقاف والشؤون الإسلامية في نونبر 2002. وقد شرع - عملا بالتوجيهات الملكية السامية - في تنفيذ إعادة هيكلة الحقل الديني التي تشمل هيكلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، نظرا للدور المؤسسي الذي تؤديه هذه الوزارة في التحقيق الملموس لسياسة الدولة بخصوص تدبير الشؤون الدينية. وبهذا الصدد أصدر جلالته الظهير رقم 193-03-1 في 9 شوال 1424 (4 دجنبر 2003) يحدد التعيينات وتنظيم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وهكذا أنشئت مديريتان جديدتان هما: مديرية التعليم العتيق ومديرية المساجد.
فضلا عن ذلك، أمر جلالته بتعيين مندوبين جهويين للوزارة مدعوين إلى ضمان تدبير حديث للشؤون الإسلامية في الميدان. وألح جلالته على ضرورة إعادة تفعيل مؤسسة الوقف وعقلنة اشتغاله والسهر عليه حتى يبقى وفيا لمقاصده الشرعية ومهمته بوصفه أداة للتضامن الاجتماعي، وحتى يواصل نموه بفضل مساهمات المحسنين.
إن إعادة هيكلة الحقل الديني ثمرة استراتيجية مندمجة وشاملة ومتعددة الأبعاد تمت بلورتها على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية. وعلى صعيد هذا المستوى الأخير أكد جلالة الملك محمد السادس في خطابه يوم 30 أبريل 2004 أن هذه الاستراتيجية هدفها الدفع بالحقل الديني وتجديده بقصد حماية المغرب من شبح التطرف والإرهاب وحماية هويته التي يطبعها التوازن والاعتدال والتسامح. كما أكد جلالته حقيقة كون الشأن الديني "يستوجب التشبث بالمرجعية الواحدة للمذهب المالكي السني الذي أجمعت عليه الأمة" (خطاب 30 أبريل 2004).
إن هدف الوزارة هو تصحيح صورة الإسلام بطريقة عقلانية وبيان جانبه المتسامح والمحترم للآخر، وذلك بتوجيه من إمارة المؤمنين باعتبارها موحدة للأمة ورائدة لتقدمها